شرف المرأة وعفتها والحُكم عليه، لا يتعلّق بغطاء شعر مترين قماش، لفّت به شعرها، أو تنقّبت به!
فئة شاذة تلك التي تعتبر الأخلاق قطعة قماش تغطي شعر المرأة.
في المفهوم العالمي الإنساني، الأخلاق هي مجموعة قيم من الصدق والأمانة، والإخلاص، احترام الآخر، التفكير، الإبداع، حب الغير، عدم إيذاء الغير..
ولنقرب الصورة أكثر ، الخليفة المسلم "عمر بن الخطاب" قص شعر رأس (قرّع) نصر بن الحجاج لوسامته و فتنة نساء المدينة به أكرر: (نساء المدينة) ، فإزداد وسامة، فسجنه ، ثم نفاه الى العراق!
فلو كان الحجاب "يدرأ الفتنة" لطبقه عمر كما يقال عنه في الإسلام "أعدل الخلفاء" بحق صحابيات!
عند ارتداء الحجاب الإسلامي يخفون الشعر تماما بحيث لا يظهر سوى الوجه ، لاحظ في الصورة ، أن قُصة (مفرق) شعر السيدة العذراء في الصور واضحة جلية !!!
راجع صورة السيدة العذراء مريم هل تراها تتوشح به (تلفه حول وجهها بحيث تمكنه) أم فقط تضع طرحة فوق شعرها؟
السيدة العذراء ، ارتدت ملابس عصرها لم تأت لتشذ عنه! بل ماثلت غيرها في الزي ، لبست ما يمثل ملابس عصرها ، وليس للأمر أي علاقة بالحجاب من بعيد أو من قريب.
العذراء تضع "ايشارب" على رأسها ، وهذا ليس له أي علاقة بالحجاب بل بعادات موروثة ، وليس له بدوره أي علاقة بالعفاف والطهارة ، فهذا فقط نتاج البيئة والثقافة التي عاشتها ، بالمثل كانت ملابس السيدة العذراء هي ملابس نساء بيئتها.
اقتباس (لو 7: 36 – 50) :
لو كانت تعاليم المسيحية تشترط أو تنص على الحجاب ، لنهر المسيح المرأة لتعريتها شعرها! لكننا نجده على العكس طوبها وغفر خطاياها السالفة ، فان كانت المسيحية تنص على الحجاب ، لِمَ لم ينهرها السيد المسيح قائلا “غطي شعرك يا امرأة!”؟
أم لعل السيد المسيح لا يفهم المسيحية ، والمسلم يعرف بدينهم ما لا يعرفه المسيح شخصياً؟!
وعلى النقيض من ادعاء المسلمين , فأن المسيحية تدعو المرأة إلى الافتخار بشعرها ، فالشعر قد وضع لها بدل البرقع علامة مجد وتاج جمال وبهاء.
"واما المراة ان كانت ترخي شعرها فهو مجد لها لان الشعر قد أعطي لها عوض برقع” (1كو 11 : 15)
وفي السياق ، يكرر بعض المسلمين السؤال المكرر : لماذا لا توجد صورة واحدة للعذراء بدون حجاب (veil)؟!
بعد تصحيح النص كما سبق وشرحنا ، يكون السؤال : لماذا لا توجد صورة واحدة للعذراء بدون طرحة ؟
حسناً ، ذلك سؤال يتيم ويفتقد للمعرفة ، فصور السيدة العذراء كثيرة بدون طرحة ، لكن من لا يريد أن يفهم ، فحتى لو قابل العذراء نفسها وقالت له لم ارتدي الحجاب الإسلامي ، سيكذبها!
ارفقنا بعض الصورة للعذراء دون طرحة:
يعود المسلمون لطرح سؤال آخر ظناً منهم قد يسبب إحراجاً للكنيسة بقولهم: "لماذا الراهبات في الكنائس يرتدين الحجاب"؟
ملابس الراهبات هي رمز لتكفين الميت حيث تقام عليهن صلوات الموتى ، نعم فقد ماتوا!
وأيضاً دلالة الفقر الاختياري والتخلي الغير مشروط حيث يتخلين عن كل الملابس الأرضية بل كل الممتلكات الأرضية للموت عن العالم بكل ما فيه.
كما ترتدي الراهبات هذا الزي حتى بين بعضهن البعض ، بالرغم من عدم وجود رجال ، ونفي احتمالية وجودهم حتى.!
نضيف هنا ، الرهبان الرجال أيضاً يلبسون نفس الزي الكفني ويغطون شعرهم ، فهل الرجال شعرهم عورة لهذا يتحجبون كما يظن المسلمون في الراهبات؟!
لستُ من أعداء الحجاب.
لكل شخص على سطح الكرة الأرضية أن يرتدي الزي الذي يعجبه ، فشكل الزي أمر عائد إليه وإلى ذوقه وإنما حديثي عن ضرورة إفراغ الشحنات الدينية من قضية الحجاب والتخلي عن التهديد والوعيد بالجحيم للنساء التي لا يفضلنه زياً خصوصاً وإن استرسل الشعر وإبداء الزينة والتفنن بها أمر عرف في تراث المسلمين. فمسلمات الأندلس كنّ سافرات ويتفنن بالزينة على ما يرويه لنا لسان الدين بن الخطيب:
(وحريمهم، حريم جميل، موصوف بالسحر، وتنعم الجسوم، واسترسال الشعور، ونقاء الثغور، وطيب النشر، وخفة الحركات، ونبل الكلام، وحسن المحاورة، إلا أن الطول يندر فيهن. وقد بلغن من التفنن في الزينة لهذا العهد، والمظاهرة بين المصبغات، والتنفيس بالذهبيات والديباجيات، والتماجن في أشكال الحلي، إلى غاية نسأل الله أن يغض عنهن فيها، عين الدهر، ويكفكف الخطب، ولا يجعلها من قبيل الابتلاء والفتنة، وأن يعامل جميع من بها بستره، ولا يسلبهم خفي لطفه، بعزته وقدرته).
* الإحاطة في أخبار غرناطة ص 12 / صفات أهل غرناطة ومظاهرهم وأنسابهم وأزيائهم وطرق معيشتهم وصنوف نقدهم ووصف نسائهم.
حتى في الإسلام ، فهو أمر مختلف عليه ، وقد بدأ بالإنقراض في بعض الدول العربية والإسلامية ، لكنه يجد طريقاً إلى الدول الغربية عبر المهاجرين المسلمين الذين يصدمون في الحضارة الغربية وعلومها وتطورها وتقدمها في كل المجالات ، فتكون ردة فعللهم بدلاً من الإندماج والمشاركة في التقدم وترك بصمة يخلدها التاريخ ، تجدهم تراجعوا سنوات للخلف وتعلقوا بما يقال عنه "الهوية الإسلامية" و وجدوا في التشدد طريق للإبتعاد عن تلك المجتمعات المتقدمة وحاصروا أنفسهم بالزي الإسلامي والذي قد اندثر حقاً في الأرض التي ظهر منها !
ولو كان مايدعوه صحيحاً ، اذن لماذا يا ترى الحجاب ليس فرضاً على الإماء (الجواري ، السراري) وحكر فقط على "الحرائر"؟!
بدون اطالة جاء في مجموع الفتاوى لابن تيمية:
"قَوْلُهُ : { قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ } الْآيَةَ : دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحِجَابَ إنَّمَا أَمَرَ بِهِ الْحَرَائِرَ دُونَ الْإِمَاءِ ؛ لِأَنَّهُ خَصَّ أَزْوَاجَهُ وَبَنَاتَهُ وَلَمْ يَقُلْ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُك وَإِمَائِك وَإِمَاءِ أَزْوَاجِك وَبَنَاتِك ثُمَّ قَالَ : { وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ } وَالْإِمَاءِ لَمْ يَدْخُلْنَ فِي نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا لَمْ يَدْخُلْ فِي قَوْلِهِ : { نِسَائِهِنَّ } مَا مَلَكَتْ أَيْمَانَهُنَّ حَتَّى عَطَفَ عَلَيْهِ فِي آيَتَيْ النُّورِ وَالْأَحْزَابِ : وَهَذَا قَدْ يُقَالُ إنَّمَا يَنْبَنِي عَلَى قَوْلِ مَنْ يَخُصُّ مَا مَلَكَتْ الْيَمِينُ بِالْإِنَاثِ وَإِلَّا فَمَنْ قَالَ : هِيَ فِيهِمَا أَوْ فِي الذُّكُورِ فَفِيهِ نَظَرٌ . وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ } وَقَوْلُهُ : { الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ } إنَّمَا أُرِيدَ بِهِ الْمَمْهُورَاتِ دُونَ الْمَمْلُوكَاتِ فَكَذَلِكَ هَذَا فَآيَةُ الْجَلَابِيبِ فِي الْأَرْدِيَةِ عِنْدَ الْبُرُوزِ مِنْ الْمَسَاكِنِ وَآيَةُ الْحِجَابِ عِنْدَ الْمُخَاطَبَةِ فِي الْمَسَاكِنِ ؛ فَهَذَا مَعَ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّهُ { لَمَّا اصْطَفَى صَفِيَّةَ بِنْتَ حيي وَقَالُوا : إنْ حَجَبَهَا فَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِلَّا فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ } دَلَّ عَلَى أَنَّ الْحِجَابَ كَانَ مُخْتَصًّا بِالْحَرَائِرِ " هنا
إرسال تعليق