في مؤتمر صحفي في يونيو حزيران 2017 وصف (جو ار هيريرا) المتحدث العسكري الفلبيني عناصر تنظيم الدولة الإسلامية بـ”إنهم شخصيات شريرة“ في إشارة منه إلى المتشددين الإسلاميين الذين كانوا يحاصرون مدينة (مراوي) الفليبينية منذ خمسة أسابيع.
ما تطرق إليه (هيريرا) لم يكن حقيقة أن هؤلاء المسلحين المنتسبين لتنظيم الدولة الإسلامية قد استولوا على أجزاء من (مراوي) مما أسفر عن مقتل العشرات، بل كان يشير إلى التقارير التي تقول أن المسلحين أخذوا المدنيين أسرى بعد نهب بيوتهم وأجبروهم على اعتناق الإسلام، والأهم من ذلك كله، جعلوهم بمثابة عبيد جنس.
كان هذا في الواقع جانبا من معركة (مراوي) التي تصدرت عناوين الصحف حول العالم، وبعد أسبوع واحد فقط جاءت تقارير منفصلة من على بعد 90 ألف كلم من مدينة الرقة السورية تفصِّل مدى بشاعة ممارسة تنظيم الدولة الإسلامية في الاستعباد، والغرض منه إلى حد كبير هو العبودية الجنسية، فقد تحدثت النساء اللواتي جُعلن زوجات لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية وكشفن أن أزواجهن قد أبعدوا فتيات في سن التاسعة عن عائلاتهن ليقوموا باغتصابهن وإبقائهن لديهم كعبيد جنس.
تفاصيلٌ وقصص كهذه تصدرت عناوين الصحف مراراً وتكراراً طوال فترة حكم تنظيم الدولة الإسلامية التي استمرت ثلاث سنوات، والتي تركت الكثير من الناس يتساءلون عن علاقة، ليس فقط تنظيم الدولة الإسلامية، بل وربما الإسلام نفسه، مع العبيد.
فلسفة العبودية الإسلامية:
كانت العبودية موجودة في شبه الجزيرة العربية قبل ظهور النبي محمد في القرن السابع، حيث انخرطت القبائل المختلفة في المنطقة في حروب متكررة صغيرة وكان من الشائع أخذ الأسرى كغنائم – أو سبايا، ثم قام الإسلام بتنظيم هذه الممارسة وتوسيعها إلى حد كبير، وكان السبب الأكبر في ذلك حقيقة أن دولة إسلامية موحدة القبائل كانت قادرة على شن حروب على نطاق أوسع بكثير من أي وقت مضى وغزو مناطق جديدة وأكبر مساحة.
كانت السيرة النبوية مليئة بالأحداث التي تبين اتخاذ محمد لنفسه ولصحابته عبيدًا والتجارة بهم، كاتخاذه لزيد بن الحارثة عبدًا له قبل إعتاقه لتبنيه، وامتلاكه لعددٍ من جواري الجنس (السبايا) خلال حياته، بما فيهن مارية القبطية وصفية بنت حيي وسيرين بنت شمعون، والتي أهداها لاحقًا للشاعر حسان بن ثابت.
كما واستخدم محمد العبودية (الجنسية تحديدًا) في ترغيب صحابته بشن الغزوات على القبائل والامبراطوريات المجاورة، وكان يتقاسم نساء أعدائه بينه وبين صحابته كما يتقاسمون الأملاك والأموال، ومع اتساع رقعة الدولة الإسلامية في عهد الخلفاء ”الراشدين“ وتضاعف قدرة العرب المسلمين على شن الحروب على نطاق أوسع بكثير من أي وقت مضى؛ أصبحت تجارة العبيد حجرًا اقتصاديًا هامًا للدولة، وانتشرت أسواق النخاسة في الدولة الإسلامية، بل واتخذ بعض الصحابة دور ”ضبط الجودة“، كما فعل عبد الله بن عمر الذي كان يتفحص ”البضاعة“ الجنسية من خلال مداعبة أثداء الجواري ومؤخراتهن. وقد اشتهرت الدولة الإسلامية بالتمييز والفصل الواضح بين الأحرار والعبيد، وشمل ذلك كل شيء من قوانين التملك والزواج إلى طريقة اللباس، وقد أصر الخلفاء على تطبيق هذه التمييزات بشراسة، ومن أمثلتها تعدّي عمر بن الخطاب على الجواري بالضرب في حال غطين شعورهن وبالتالي ”تشبهن بالحرائر“.
قد يعترض هنا بعض المسلمين قائلين أن الإسلام ”حارب العبودية“ من خلال ”المساواة“ بين الناس وجعل تحرير الرق نوع من أنواع العبادة، وهذا كلام فارغ، فلو شاء الإسلام أن يحارب العبودية لحرمها –ولو على مراحل– كما حرم الكحول، أو كما حرم الجنس خارج إطار الزواج، إلا أن الحقيقة هي أن الإسلام قَلَب العبودية إلى تجارة دينية يقايض بها المسلم بحرّية غيره مقابل بعض الحسنات وللتكفير عن بعض الذنوب، تمامًا كمبدأ صكوك الغفران المسيحية، لكن باستخدام الأرواح والأنفس بدل المال.
ومع أن العبد والحر يتساويان ”أمام الله“ (أي من الناحية الدينية)، إلا أن التمييز الاجتماعي والطبقي واضح في تشريعات الإسلام الدنيوية. فقد أسس الإسلام نظامًا فقهيًا كاملًا لينظم القواعد التي تحكم وضع العبيد ومعاملتهم وتجارتهم، فجعل العبيد بمنزلة شبيهة بالأطفال والأرامل والعجزة والنساء. فمثلًا، حلل القرآن للمسلم الذكر ما شاء من عبيد الجنس، أو ما يسمى ”ملكات اليمين“، كما حدد للعبيد لباسهم – فلا يحق للعبدة أن تتستر كالحرة، وقيد أحوالهم الشخصية – فمنع زواج العبيد الذكور من الحرائر وأسقط عن المسلم وجوب زكاة الفطر عن عبده، وحدد قوانين بيع العبيد وشرائهم، بما في ذلك قيود على بيع العبد المسلم لزبون كافر.
وعليه، نرى أثر إقرار الإسلام للعبودية وتشريعها في التاريخ الإسلامي منذ فجر هذا الدين وإلى يومنا هذا كما سنوضح في الفقرات التالية.
العبودية في التاريخ الإسلامي:
كانت العبودية في الخلافة الإسلامية في أسوأ حالاتها في بلاد ما بين النهرين (العراق وما حولها)، فمع احتلال بلاد فارس، استولى المسلمون على مئات الآلاف من أسرى الحرب، معظمهم من الأطفال والفتيات الشابات، وبعثوا بهم إلى مركز الإمبراطورية الإسلامية، وهناك كان يتم فرز هؤلاء الأسرى لتولي جميع الأعمال الموجودة تقريبًا. وبينما قام الرجال والنساء الأكبر سنًا بتنظيف شوارع ومنازل الأسر الثرية، احتُفظ بالبنين (الغلمان) والبنات (الجواري) على حد سواء كممتلكات جنسية.
أما العبيد الذكور الذين أُخذوا أطفالاً صغاراً أو رُضّع فكان يمكن إعدادهم ليصبحوا أفرادا في الجيش، حيث شكلوا جوهر فرق خاصة تميزت بانضباطها وصرامتها استخدمت لتحطيم مقاومة العدو، كما أُخصي عشرات الآلاف من العبيد الذكور في إجراء يتضمن إزالة كل من الخصيتين والقضيب، وإجبارهم على العمل في المساجد وكحرّاس للحريم.
جرى تفضيل العبيد الذكور، والأفارقة بالذات، للعمل الشاق في مناجم الملح ومزارع السكر التي انتشرت في العراق آنذاك. وقد عانى هؤلاء من ظروف حياة قاسية جدًا، فكانت عمليات الضرب والاغتصاب في كثير من الأحيان تطبق على العديد من الخدم في المنازل، إن لم يكن معظمهم، بل وجرى كذلك تطبيق عمليات الجلد القاسي كتحفيز وترهيب للأفارقة في المناجم والمزارع.
تعتبر المعاملة التي لاقاها العبيد الأفارقة في ظل الدولة العباسية الأسوأ في تاريخ العبودية الإسلامية، وساهمت تلك المعاملة القاسية والظروف المزرية التي عاناها عبيد المزارع والمناجم باندلاع ثورة الزنج في أواخر القرن التاسع، والتي تعد من أدمى الثورات التي تعرضت لها الخلافة العباسية، والتي راح ضحيتها ما لا يقل عن خمسمائة ألف قتيل. وعند انتهائها أولى القادة المسلمون الاهتمام لكيفية الحيلولة دون حصول مثل هذه الحركات التحررية في المستقبل، كانت بعض الإصلاحات التي انبثقت عن تمرد الزنج إجراءات عملية، فتم سن القوانين للحد من تركيز العبيد في منطقة واحدة على سبيل المثال، وجرت السيطرة على تناسلهم بصرامة، ورافق ذلك عمليات الإخصاء وحظر الجنس العرضي فيما بينهم.
وانتشر كذلك في الأنظمة الخلافية الإسلامية الاستعباد العسكري، والذي انتشر في الدولة العباسية وبرع فيه العثمانيون بالذات. فمن منا لم يسمع بالجنود الإنكشارية المشهورة بقوتها وضراوتها؟ لكن ما لا يعلمه الكثيرون أن هؤلاء كانوا عبيدًا بيد السلطان يتم اختطافهم من أهاليهم المسيحيين من سن صغيرة ويربَّون تربية عسكرية إسلامية على يد ضباط السلطان. بالطبع، انتهى أمر هذه الكتائب رفيعة المستوى سنة 1826 بما يعرف بالواقعة الخيرية، والتي أنهى فيها السلطان محمود الثاني حياة أكثر من 6000 انكشاري قبل أن يفكك الوحدات الإنكشارية بالكامل. بل وكانت ثقافة الاستعباد العسكري واسعة الانتشار على مر تاريخ الخلافات الإسلامية لدرجة أنهم بأعدادهم الهائلة تمكنوا في أوائل القرن الثالث عشر من تكوين خلافتهم الخاصة: دولة المماليك، والتي خرجت من صفوف الجنود العبيد من أصول تركمانية وقبطية وبلقانية وشركسية الذين استعبدهم الخلفاء المسلمين على مر القرون لاستغلالهم في حملاتهم العسكرية.
تجارة الرقيق الأفريقية:
وبالطبع لم تقتصر العبودية في التاريخ الإسلامي على الاستهلاك، بل برع العرب والمسلمون كذلك بتجارة الأنفس والأفراد، فقد أدت فلسفة الإسلام في تقييد شروط الاستعباد دون تحريمها بالكامل إلى عرض جانبي مدمر، ألا وهو تضخم التجارة بالعبيد مع الخارج، سواء في الاستيراد أو التصدير. فصعوبة الاستعباد المباشر للناس بحكم التقييدات الشرعية أدى إلى ازدهار عملية استيراد العبيد من خارج الدولة للاستهلاك أو إعادة التصدير للخارج. ويقدر أنه تم شراء ما يقارب خمسة ملايين من العبيد الأفارقة من قبل تجار العبيد المسلمين خلال عهد الخلافة العثمانية وحدها.
سيق العديد من العبيد إلى مناجم ومزارع الشرق الأوسط، ونُقل الكثير منهم إلى الأراضي الإسلامية في الهند وإندونيسيا بعد شرائهم من تجار العبيد الأفارقة. واستُخدم هؤلاء العبيد كنوع من العملة الدولية كذلك، فجرى منح المئات منهم كهدايا للأحزاب الديبلوماسية الصينية، كما ورد في العديد من الكتابات الصينية القديمة. ومع توسع السلطة الإسلامية، انتشر المُستعبِدون العرب إلى شمال أفريقيا ووجدوا تجارتهم تزدهر بشكل مخيف في حوض البحر الأبيض المتوسط.
وبالطبع لم تُطبَّق القواعد الإسلامية التي تنص على معاملة العبيد معاملة معتدلة (بمعايير الإسلام) على أي من الأفارقة الذين تم شراؤهم وبيعهم في البحر الأبيض المتوسط. فأثناء زيارته لسوق العبيد عام 1609، كتب المبشر البرتغالي خواو دوس سانتوس أن المُستعبِدين العرب ”يروضون عبيدهم بختان الإناث منهم، وخاصة صغيرات السن، ليجعلوهن غير قادرات على الحمل، مما يجعلهن يبعن بسعر أفضل“.
ظلت قوافل العبيد الطويلة، والتي اشتملت على أصحاب البشرة السوداء والبنية والبيضاء، تشق عباب الصحراء لأكثر من 1200 عام، استغرقت هذه الرحلات شهوراً وكانت أعداد العبيد الذين يهلكون خلال ذلك هائلة على مدار سنوات عديدة، وقد ذكر المستكشف السويسري يوهان بيركهارت في عام 1814: ”لقد شهدت مرارًا بعضًا من أكثر المشاهد فحشًا وفظاظة، والتي كانت مصدرًا للضحك بالنسبة للمُلاك الذين كانوا عاملاً رئيسيًا في هذه المشاهد، وأتجرأ على القول بأن قلة قليلة جدًا من العبيد النساء اللواتي تجاوزن سن العاشرة وصلن إلى مصر أو الجزيرة العربية في حالة عذرية“.
وبالرغم من هذه الروايات، إلا أنه عندما تُذكَر العبودية الإفريقية اليوم، يتبادر إلى أذهان العديد التجارة عبر المحيط الأطلسي أكثر من أي شيء آخر، والتي رأت تجارة أكثر من اثني عشر مليون عبدًا أفريقيًا من حوالي عام 1500 إلى 1800، حتى بدأت الأساطيل البريطانية والأمريكية في اعتراض سفن العبيد. لكن قلما يخطر في بال العديد أن تجارة الرقيق الإسلامية التي فاقت تجارة المحيط الأطلسي كمًّا وفظاعةً قد بدأت مع الغزوات العربية في أوائل القرن الثامن وبقيت نشطة حتى يومنا هذا.
العبودية في عصر ما بعد الاستعمار:
انتهى جزء كبير من تجارة الرقيق الإسلامية خارج العالم الإسلامي خلال الحقبة الاستعمارية، حيث هاجم الأوروبيون حصون العبيد واستولوا على سفن نقلهم وأغلقوا أسواق العبيد تدريجيًا خارجها، وانخفض انتشار العبودية حتى داخل الدول الإسلامية، حيث منعت السلطات الإيطالية العبودية في الصومال في عشرينيات القرن الماضي، كما فرض المستعمرون البريطانيون والفرنسيون والألمان ذات القوانين في مستعمراتهم في بلاد الشام وشمال أفريقيا.
لم تنتهِ أزمة العبيد الإنسانية مع انتهاء حكم الإسلام في المنطقة، فتلك التعاليم الدينية بقيت حية داخل معتنقي الإسلام، وبالتالي بعد سقوط الإمبراطوريات الأوروبية في منتصف القرن العشرين عادت العبودية لتتفشى في أرجاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إذ لم تعد السيطرة المباشرة في تلك المناطق ممكنة.
وبينما استمرت أوروبا وأمريكا بالمحاولة لإنهاء العبودية في العالم الإسلامي من خلال الضغوط المالية والاقتصادية، إلا أنه في بعض الأحيان كانت نتائج هذه المطالب عبثية أو غير مقبولة. فمثلًا، ادّعت موريتانيا حظر العبودية مرارًا وتكرارًا: في عام 1905، ثم في عام 1981 وبعد ذلك مرة أخرى في عام 2007. ومع ذلك، تقدر منظمة مؤشر العبودية العالمي أن أكثر من 43 ألفًا من الذين يعيشون في هذا البلد ما زالوا عبيدًا، لكن الحكومة الموريتانية المسلمة تُصر على أنه لا يوجد عبيد في بلادها وأن أي حديث من هذا القبيل ”يدعو للتلاعب من قبل الغرب، وهو فعل عدائي تجاه الإسلام“.
والإشارة إلى الإسلام هنا ليست صدفة، فقد استُخدم الدين كستار للعبودية عبر التاريخ، وهي مشكلة تظهر الآن مرة أخرى في البلدان ذات الأغلبية المسلمة، حيث سقطت الديكتاتوريات ذات المظهر الحضاري وحلّت محلها الأنظمة الدينية الإسلامية. فعلى سبيل المثال، ووفقًا لمؤشر العبودية العالمي، فإن قطر وحدها هي موطن لحوالي ثلاثين ألف عبد يعملون بشكل رئيسي في مشاريع البناء وتجارة الجنس، ومن شبه المؤكد أن هذا التقدير قليل وغير دقيق، حيث إن العديد من أشكال العبودية لا تُحتسب كذلك، كالعمل الشاق والمتواصل الأشبه بالسخرة، ولا أحد في قطر ملزم بالإبلاغ عن تفاصيل انتهاكات حقوق الإنسان للأجانب في البلاد.
ونجد الصورة ذاتها موجودة على حد سواء في الكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية على شكل نظام الكفالة الاستعبادي، وخصوصًا في ليبيا، حيث عادت أسواق العبيد والنخاسة إلى الهواء الطلق بعد غياب دام عقودًا في ظل معمر القذافي – الزعيم العربي الوحيد الذي قدم اعتذارًا رسميًا للأفارقة عن دور بلاده التاريخي في استعبادهم عبر القرون.
العبودية تحت الدولة الإسلامية الحديثة:
يصل الكلام الآن بنا إلى التجسيد الحي والمعاصر للخلافة الإسلامية القديمة: ”تنظيم الدولة الإسلامية“ أو كما يسمى بـ”داعش“. وكجزء من هذا التجسيد الأصيل نجد عودة الاستعباد الجنسي وأسواق النخاسة والسبي والعبيد بكامل رونقها السابق. ويعني هذا من الناحية العملية أن أي شخص غير مسلم يعاني الأمرين من العيش في منطقة تابعة لسيطرة داعش، حيث يخضع لضرائب وقيود مخصصة له على أساس دينه (اقتداءًا بتعاليم القرآن بخصوص أهل الكتاب)، فضلاً عن تجنيد شباب العائلة كمقاتلين لجيش الدولة (اقتداءً بالعباسيين والعثمانيين من بعدهم)، وهذا يعني أيضًا أن النساء والفتيات غير المسلمات (أي من لسن من الطائفة السُنية) يجب أن يعشن في خوف من أن يؤخذن كأدوات جنسية.
ومن الطبيعي كما اعتدنا أن تتعرض امرأة أو فتاة مسيحية أو شيعية في أسر داعش للضرب والاغتصاب، تليها رحلة إلى سوق العبيد وهي مكبلة بالسلاسل، حيث يتم بيعها في المزاد العلني، وقد كانت الموصل في يوم من الأيام موقع أكبر تجمع لعبيد داعش، لكن التطورات الأخيرة رأت الجيش العراقي يستعيد المدينة ويغلق السوق.
ومنذ قيام داعش، كانت النساء الأزيديات في العراق هدفًا خاصًا للاستعباد، حيث جرى اختطاف الفتيات اللواتي لم يتجاوزن السادسة من العمر وبيعهن في أنحاء الدولة الإسلامية، ففي تفسير داعش للإسلام لا توجد خطيئة في اغتصاب الأسرى من غير المسلمين، لأن الأمر لا يصبح ”زنا“ كما هو الحال مع امرأة مسلمة، وإنما ملك يمين حلال زلال كما ورد في الآية {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} من سورة المؤمنين، وكما أفتى جميع فقهاء الإسلام منذ فجر الدين إلى يومنا هذا.
وتكاد قصص الناجين من الدولة الإسلامية لا تنتهي، والتي يكثر فيها الحديث عن المعاملة القاسية التي تعرض إليها هؤلاء على أيدي مسلمي داعش، كالضرب والاغتصاب والحبس. وتبقى مثل هذه المعاملة الوحشية مدعومة بتشريع القرآن للعبودية والكم الهائل من الفتاوى الإسلامية في تحليل العبودية وملكات اليمين إلى يومنا هذا. وسيبقى عار العبودية حي ومستمر طالما ظلت الأنظمة الإسلامية الثيوقراطية تهيمن على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
فهل حان الوقت للأزهر وغيره من دور الفتوى الإسلامية أن يصلحوا دين الإسلام وتعاليمه بحيث يتم أخيرًا تحريم أحد أفظع الجرائم الإنسانية في عصرنا الحديث؟ أم أن ضرورة التقليد الأعمى ”للسلف الصالح“ والتبعية المخلصة والوفية للنص المقدس تتغلب على المنطق والحضارة والإنسانية؟
دخلك بتعرف
إرسال تعليق